يادة جميل في MIT تقدم سبق علمي فريد في الكشف عن أعراض مرض باركنسون مبكراً باستخدام الذكاء الاصطناعي وأنماط التنفس
كشف باحثون فيعيادة جميل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عن نجاحهم في تطوير نموذج قائم على الذكاء الاصطناعي يمكنه اكتشاف مرض باركنسون من خلال تحليل أنماط التنفس لدى الأشخاص الخاضعين للفحص. ومن المعروف أن مرض باركنسون يعتبر واحداً من أكثر الأمراض صعوبة من حيث التشخيص نظراً لأن اكتشافه يعتمد بالأساس على ظهور أعراض حركية معينة مثل الرعشة والتصلب وبطء الحركة، وغالباً ما تظهر هذه الأعراض بعد عدة سنوات من الإصابة بالمرض، وهو ما دفع فريق بحثي بقيادة البروفيسور دينا قتابي، ونيكول فام، الأستاذة في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر (EECS) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) والباحثة البارزة في عيادة جميل، إلى ابتكار هذه التقنية التي يمكنها الكشف عن مرض باركنسون من خلال مراقبة أنماط التنفس لدى المرضى المحتملين.
The Jameel Clinic is the epicenter of artificial intelligence (AI) and healthcare at MIT. It works to develop AI technologies that will change the landscape of healthcare. This includes early diagnostics, drug discovery, care personalisation and management. The Jameel Clinic was co-founded in 2018 by MIT and Community Jameel, the independent, global organisation advancing science to help communities thrive in a rapidly changing world.
وجاء تصميم الأداة الجديدة على شكل شبكة عصبية تستخدم سلسلة من الخوارزميات المتصلة وتحاكي طريقة عمل الدماغ البشري، وهي قادرة على اكتشاف الإصابة بمرض باركنسون من خلال أنماط التنفس النومي لدى الشخص الخاضع للفحص. كما أن الشبكة العصبية، التي تولى تدريبها طالب الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يوجي يانغ بمشاركة الباحث يوان يوان، قادرة أيضاً على تقييم خطورة مرض باركنسون وتتبع تطوره مع مرور الوقت.
ونشرت مجلة "نيتشر ميديسن" (Nature Medicine) اليوم وصفاً مفصلاً لآلية عمل الأداة من خلال ورقة بحثية جديدة أشرف على كتابتها البروفيسور دينا قتابي، وهي عضو منتسب بمختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومدير مركز الشبكات اللاسلكية والحوسبة المتنقلة، بمشاركة يانغ ويوان و12 زميلاً آخر من جامعة روتجرز، والمركز الطبي بجامعة روتشستر، ومايو كلينك، ومستشفى ماساتشوستس العام، وكُلّية الصحة وإعادة التأهيل بجامعة بوسطن.
ولطالما سعى الباحثون على مدى السنوات الماضية إلى ابتكار طرق تُمكن من اكتشاف مرض باركنسون باستخدام السائل الدماغي النخاعي والتصوير العصبي، غير أن هذه الأساليب لا تصلح للاختبارات المتكررة التي يمكن أن توفر إمكانية التشخيص المبكر أو تتبع تطور المرض بانتظام، فضلاً عن أنها تنطوي على تكاليف باهظة وتدابير جراحية قلما تتوفر إلا في المراكز الطبية المتخصصة.
وبحسب باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، يمكن إجراء الفحص التشخيصي لمرض باركنسون باستخدام الذكاء الاصطناعي كل ليلة في المنزل أثناء النوم ودون حاجة إلى توصيل أية أجهزة بجسم الشخص الخاضع للفحص. وللقيام بذلك، طور الفريق جهازاً شبيهاً بجهاز توجيه موجات الواي فاي (Wi-Fi) المنزلي، ولكن بدلاً من توفير الاتصال بالإنترنت، يُصدر الجهاز إشارات لاسلكية، ويحلل انعكاساتها في البيئة المحيطة، ومن ثم يستخرج أنماط تنفس الشخص المعني، ومن ثم يتم إرسال إشارات التنفس إلى الشبكة العصبية لتقييم احتمالية الإصابة بمرض باركنسون، وهذا كله دون حاجة لبذل أي جهد من المريض أو مقدم الرعاية.
وقالت البروفيسور دينا قتابي، الباحثة في عيادة جميل بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "كان الدكتور جيمس باركنسون أول من أشار إلى وجود علاقة بين مرض باركنسون والتنفس منذ عام 1817، مما شجعنا على دراسة إمكانية اكتشاف المرض من أنماط التنفس بعيداً عن نمط الحركة. وقد أظهرت بعض الدراسات الطبية كذلك أن أعراض المرض تظهر على الجهاز التنفسي قبل تطور الأعراض الحركية بسنوات، ما يعني أن أنماط التنفس قد تكون واعدة في تقييم احتمالية الإصابة بمرض باركنسون قبل ظهور أعراضه."
ويعد داء باركنسون المرض العصبي الأسرع انتشاراً في العالم، وثاني أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً بعد مرض الزهايمر. ففي الولايات المتحدة وحدها، يصيب المرض أكثر من مليون شخص سنوياً ملقياً بعبء اقتصادي يصل إلى 51.9 مليار دولار في السنة الواحدة. ويأمل الفريق البحثي في أن تُسهم الأداة الجديدة في الحد من عدد الإصابات من خلال هذه الخوارزمية المبتكرة التي تم اختبارها بالفعل على 7,687 فرد، من بينهم 757 مريضاً بمرض باركنسون.
وأضافت القتابي: "فيما يتعلق بتصنيع الأدوية، يمكن لهذه النتائج أن تفتح الباب أمام إجراء تجارب سريرية لمدة أقصر بكثير وبمشاركة عدد أقل من المتطوعين، مما سيؤدي في النهاية إلى تسريع طرح علاجات جديدة لهذا المرض. أما من حيث الرعاية السريرية، فإننا نأمل أن يساعد هذا الابتكار في تعزيز آليات الفحص لمرضى باركنسون في المجتمعات المحرومة من الرعاية الصحية، ولا سيما الذين يعيشون في المناطق الريفية أو يواجهون صعوبة في مغادرة منازلهم بسبب محدودية الحركة أو ضعف الإدراك."
من جانبه، قال راي دورسي، أستاذ علم الأعصاب في جامعة روتشستر والمؤلف المشارك للورقة البحثية: "يُؤسفي القول أننا لم نحقق أية اختراقات علاجية على مدى هذا القرن، مما يدل على أن أساليبنا الحالية المستخدمة في تقييم العلاجات الجديدة ليست بالمستوى المتوخى. كانت لدينا معلومات محدودة للغاية حول آلية تطور المرض في الدماغ، لكن الجهاز الذي ابتكرته البروفيسور [قتابي] يتيح لنا الآن الحصول على معلومات قيّمة وواقعية عن طريق فحص المرضى في منازلهم، ولست أبالغ إذا قلت أن [جهاز فحص مرض باركنسون الحالي] أشبه بمصباح في ظلمة حالكة يفتح لنا بصيصاً من الضوء ... ومستشعر [قتابي] اللاتلامسي بالكامل يُساعدنا على السير بخطى واثقة في هذه الظلمة."
تم إنجاز هذا البحث في إطار تعاون بين جامعة روتشستر، ومايو كلينك، ومستشفى ماساتشوستس العام، وبرعاية المعاهد الوطنية للصحة، وبدعم جزئي من مؤسسة العلوم الوطنية ومؤسسة مايكل جيه فوكس.