نحو خلق مسارات جديدة لطلاب العالم العربي للاستفادة من أفضل تعليم موسيقي عالمياً

|
25
يناير
2021

بقلم فادي جميل وسميح ساويرس وكولين لوسون

يلعب الفن في هذه الأيام دورًا حيويًا أكثر من أي وقت مضى، إذ أن القدرة على إنتاج الفن وتذوقه وتجربته عندما يبدو العالم مخيفًا أمراً لا يُقدر بثمن، حيث يغدو الفن في مثل هذه الأوقات متنفسًا لعقولنا عندما نشعر بأننا مثقلون بما يحيط بنا من أعباء وهموم. خلال الجائحة الحالية، كان لا بد لنا أن نستذكر أهمية الفن: فهو يعلمنا المسؤولية؛ ويغذي فضولنا، ويستحضر إبداعنا، ويحفز طاقتنا الإيجابية.

لاشك في أن الرغبة في الاستمتاع بالفن موجودة في كل منا، ولكن يبقى أن فرص تعلم الفنون والوصول إليه هي أبعد من أن تكون متكافئة، وهذا يتطلب منا عمل المزيد للوصول إلى أولئك الذين انقطعت عنهم الفنون، وبذل المزيد لمساعدة الموهوبين في جميع المجتمعات على تحقيق إمكاناتهم، وهي غاية أساسية لدى كل من مجتمع جميل ومؤسسة ساويرس.

ينبغي أن يكون تعليم الموسيقى على مستوى عالمي متاحًا لأي شخص موهوب ويتوق للنجاح، بغض النظر عن خلفيته الثقافية أو ظروفه الشخصية. ولطالما كانت الكلية الملكية للموسيقى (RCM) في لندن على مدى تاريخها مناصرة لهذه الروح عبر احتفائها ورعايتها وتبنيها أفضل المواهب الواعدة من جميع أنحاء العالم.

بعد ما يقرب من 140 عامًا على تأسيسها، تواصل الكلية الملكية للموسيقى السير على رؤية الآباء المؤسسين الذين أرسوا  مبادئ راسخة لإتاحة تعلم الموسيقى والتميز فيها ودعمها. عند افتتاح الكلية عام 1883، كان صاحب السمو الملكي أمير ويلز (الملك المستقبلي إدوارد السابع) فخوراً بشكل خاص ببرنامج المنح الدراسية الجديد، مؤكداً التزامه بالمساواة بين الجنسين، لا سيما بعد ما لاحظ أن هناك من بين المتفوقين في الأداء الغنائي فتاة عاملة، وابنة صانع الطوب، وابن حداد.

وما زال برنامج دعم الطلاب يسير على هذه الرؤية العظيمة حتى يومنا هذا، ويدعم اليوم نصف مجموع الطلاب، وذلك بفضل أجيال من فاعلي الخير الداعمين. وقد أثمر التزامنا بالإدماج عن حصولنا على لقب أفضل مؤسسة لتعليم الفنون الأدائية في المملكة المتحدة لمدة خمس سنوات متتالية (والمركز الأول في أوروبا لعام 2020) - ومن المؤكد أن أمير ويلز آنذاك كان سيشعر بالرضا لرؤية هذا التنوع الثقافي المتمثل في طلابنا الذين ينحدرون اليوم من حوالي ستين جنسية، إذ لا ينبغي أن تكون الجغرافيا والإمكانات المادية عائقاً أمام تحقيق التميز الموسيقي.

وستواصل الكلية العمل على تحقيق رسالتها المتمثلة في تدريب أفضل الموسيقيين من جميع أنحاء العالم؛ والنهوض بتعليم الموسيقى والأداء من خلال تعزيز أوجه تعاونها مع كافة المؤسسات العالمية المعنية. ومن الأهمية بمكان أن يستمر هذا الدعم للطلاب الموهوبين، من البريطانيين والوافدين على حد سواء، لتمكينهم من الوصول إلى تدريب عالمي المستوى كالذي توفره المعاهد الموسيقية والمؤسسات المتخصصة الأخرى. فبدون هذا التعليم المتميز، لن يكون هناك سبيل لمنع انقراض الصناعات الإبداعية وجودتها في المملكة المتحدة وخارجها.

يتطلع الفنانون والموسيقيون حول العالم بشغف إلى الدراسة في الكلية الملكية للموسيقى، لكنهم يحتاجون في بعض الأحيان إلى المساعدة في الوصول إلى هناك. ومن المهم جدًا في هذا الصدد أن يتم توفير مسار متكافئ وعادل لأولئك الذين يتحلون بالتفاني والطموح للنجاح في الكلية الملكية للموسيقى.

ولهذا السبب تحديدًا، يشارك كل من مجتمع جميل ومؤسسة ساويرس مع الكلية في جهودها، لضمان أن يتمكن الفنانون الطموحون من رؤية هذا المسار أمامهم بوضوح.

وقد دأبت مؤسسة ساويرس على الاعتزاز بضمان أن يكون التعليم الجيد، التقليدي وغير التقليدي، في متناول الجميع؛ ضمان حصول جميع الطلاب على بيئة شاملة للتعلم. تمنح منحة ساويرس للفنون والثقافة المفتوحة للمواطنين المصريين المقيمين في مصر فرصة للفنانين الموهوبين لإثراء مواهبهم وتوسيعها.

لطالما افتخرت مؤسسة ساويرس بجهودها في جعل التعليم الجيد، التقليدي وغير التقليدي، في متناول الجميع؛ وضمان وصول جميع الطلاب إلى بيئة شاملة للتعلم. توفر منحة ساويرس للفنون والثقافة (SACS)، المفتوحة للمواطنين المصريين المقيمين في مصر، فرصة للفنانين الموهوبين لإثراء مواهبهم وتوسيع نطاقها.

تؤمن مؤسسة ساويرس بدور الفن في بناء مجتمع مزدهر، ومن هنا جاءت منحة ساويرس للفنون والثقافة لدعم المواهب الناشطة على المستوى الاجتماعي والمتحمسة لمجال الفنون والثقافة. هدفنا في نهاية المطاف هو رعاية الفنانين الذين سيعملون على إثراء المشهد الفني في مجتمعاتهم الأصلية، وهذا من ضمن أسباب فخر مؤسسة ساويرس بدعم جائزة ساويرس الثقافية، وهي جائزة أدبية مصرية سنوية تُمنح منذ 15 عاماً.

ينبغي أن تتاح للطلاب من مصر – بل ومن أي مكان في المنطقة العربية وخارجها – فرصة الدراسة في أي مكان في العالم، بما في ذلك الكلية الملكية للموسيقى، بغض النظر عن توفر الإمكانات المادية.

وهذه تمامًا هي القناعة التي تنطلق منها مجتمع جميل، وهي مؤسسة عالمية تدعم، كجزء من رسالتها، جهود توفير فرص التعليم الجيد للجميع، وتعزيز بيئة التعلم، بما في ذلك الموسيقى، من خلال إطلاق الابتكارات في تكنولوجيا التعليم والتربية في معمل عبداللطيف جميل العالمي للتعليم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أو من خلال التعاون مع منظمة أإنقاذ الطفل لتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للمعلمين الذين يقومون على تعليم الأطفال اللاجئين السوريين في الأردن.

ومع سجل مجتمع جميل الحافل بالتعاون مع المؤسسات التعليمية العالمية، وتطلعها إلى شريك موثوق لتعزيز تعلم الموسيقى في جميع أنحاء العالم، كانت الكلية الملكية للموسيقى اختيارًا طبيعيًا. في عام 2019، أطلقت مجتمع جميل ومؤسسة أندريا بوتشيلي (المملوكة للتينور الشهير عالمياً، أندريا بوتشيلي) منحة بوتشيلي- جميل الدراسية، التي تُقدم في المقام الأول للطلاب الدوليين الراغبين في دراسة الأداء الصوتي، وتمنح على أساس الجدارة والحاجة إلى الدعم. صُممت هذه المنحة الدراسية خصيصًا لفتح الباب أمام المطربين العالميين الصاعدين للانضمام إلى الكلية من خلال دعم الطلاب بدوام كامل، وبالتالي مساعدتهم على التغلب على الحواجز والوصول إلى تدريب عالمي المستوى. وفي 12 ديسمبر 2020، قام أول مستفيد من منحة بوتشيلي- جميل، وهي السوبرانو كلارا باربييه سيرانو، بأداء دويتو مع أندريا بوتشيلي نفسه في تياترو ريجيو دي بارما في إيطاليا.

ولعلنا نحتاج اليوم  أكثر من أي وقت مضى إلى أن نتذكر أن للفن والموسيقى لغة لا تعرف حدودًا ولا يستعصي فهمها على أحد، فما أحوجنا إلى إمعان النظر في هذه الأدوات التي قد  تلهمنا في  مساعينا للخروج من حالة عدم اليقين الحالية والتركيز على الإمكانات طويلة الأجل للاستثمار في الفنون؛ والاحتفاء بتواصلنا مع بقية العالم والبناء عليه؛ وتعزيز الشراكات الدولية وإيجاد فرص للتبادل الثقافي الهادف.

إعلانات ذات صلة

لا توجد إعلانات ذات صلة